السبت، 1 أكتوبر 2016


وَقْفِيَّاتُ الأُسْتَاذ الدُّكتور/ مُحَمَّد شَوْقِي الفَنْجَرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ



الوقف من النِّقاط المضيئة في حياة الأُسْتَاذ الدُّكتور مُحَمَّد شَوْقِي الفَنْجَرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ، والمحطَّات البارزة في تاريخه، بل صار الوقف ملازمًا لهذا العالم الجليل، فبمجرَّد أن يُذكر الدُّكتور الفَنْجَرِيُّ؛ يُذكر الوقف الخيريُّ، ذلك أنَّه وهب جلَّ ماله ووقته لهذا العمل العظيم، فبعد بلوغه سنَّ التَّقاعد، -وكان يعمل بالمملكة العربيَّة السُّعوديَّة مستشارًا قانونيًّا للعديد من الوزارات، وأستاذًا لمادَّة الاقتصاد الإسلاميِّ بجامعة الرِّياض - قرَّر أن يتفرَّغ للعمل الخيريِّ؛ ابتغاءَ وجه الله تعالى.
وفي الخامس والعشرين من مايو سنة 1981م، سارع إلى المسؤولين بجامعة الأزهر الشَّريف، واتَّفق معهم على إصدار حجِّيَّة وقفٍ خيريٍّ لصالح ابتعاث أستاذ جامعيٍّ إلى مراكز الأقلِّيَّات الإسلاميَّة بالخارج، بهدف تعميق توعيتها بالإسلام، وتوثيق ارتباطها بالأزهر الشَّريف، مشيخةً، وجامعةً، وذلك بالاتِّفاق مع بنك فيصل للمشاركة في تدعيم هذا الوقفيَّة.
وفي الرَّابع والعشرين من يناير سنة 1986م تَمَّ تعديل هذه الوقفيَّة؛ لتتَّخذ صورة منح دراسيَّة للطُّلَّاب الأجانب خاصَّة الوافدين من دول الأقلِّيَّات الإسلاميَّة الَّذين يدرِّسون بالكلِّيَّات النَّظريَّة بجامعة الأزهر الشَّريف، شريطة أن يتوفَّر فيهم شرطان اثنان، وهما:
1- الاحتياج الماليُّ.
2- التَّفوُّق الدِّراسيُّ.
ثُمَّ توالت بعد ذلك وقفيَّاته -رَحِمَهُ اللهُ- بالمشاركة مع بنك فيصل الإسلاميِّ، ومن أهمِّ حجج هذه الأوقاف الخيريَّة [1]:
أَوَّلًا: حجَّة وقف خيريٍّ لصالح جائزة خدمة الدَّعوة، والفقه الإسلاميِّ (نظارة هيئة قضايا الدَّولة).
ويأتي إصدار هذه الحجِّيَّة انطلاقًا من اهتمامه -رَحِمَهُ اللهُ- بالبحث العلميِّ، وهو وقف خيريٌّ لصالح مسابقة خدمة الدَّعوة، والفقه الإسلاميِّ، نظارة هيئة قضايا الدَّولة، في صورة شهادات استثمار البنك الأهليِّ المصريِّ، بقيمة مليون جنيه بعائد سنويٍّ مائة ألف، وخمسة ألاف، وخمسمائة جنيه.
بالإضافة إلى حجَّة وقف جديدة سنة 2002م بتخصيص الواقف نصف مليون جنيه إضافيَّة لما بعد الوفاة في صورة شهادات استثمار البنك الأهليِّ، لصالح نفس المسابقة.
وبذلك يكون موقوفًا على هذه المسابقة مبلغ مليون، ونصف مليون جنيه.
هذا، وقد قامت إدارة الوقف بزيادة هذه الوقفيَّة إلى مبلغ مليون، وثمانمائة ألف جنيه من احتياطي الوقف.
وبانطلاق هذه المسابقة السَّنويَّة، والَّتي يتولَّى نظارتها المستشار رئيس هيئة قضايا الدَّولة بصفته؛ ترسَّخ عددًا من الحقائق، منها:
• أنَّ التَّنظير وحده لا يكفي، وأنَّ أصحاب النَّظريَّات يجب أن يكونوا أوَّل المطبِّقين لها قدر استطاعتهم، لذا؛ حرص الدُّكتور الفَنْجَرِيُّ على تنفيذ أفكاره وتطبيقها، من أجل خدمة قضايا الدَّعوة والفقه.
• حرصت هذه المسابقة على معالجة مشكلات المجتمع من منظور إسلاميٍّ، بعيدًا عن التَّوجُّهات السِّياسيَّة، أو الخوض في موضوعات تاريخيَّة، وإنَّما تطرح قضايا عصريَّة، وتضع لها الحلول المناسبة، من منظور إسلاميٍّ.
• تؤكِّد هذه المسابقة أنَّ أعلام الفكر الإسلاميِّ ليسوا بمنأى عن هموم مجتمعاتهم، بل إنَّ هناك اتِّصالًا قويًّا يربط بين واقع المجتمعات المسلمة، وعقول مفكِّريها وعلمائها، وأنَّهم لا يلقون العبء كلَّه على كاهل الدَّولة، بل يسارعون بالإسهام في إثراء الفكر الصَّحيح، بأبحاثهم، ومساهماتهم الفعَّالة.
• تسعى المسابقة إلى جذب المثقَّفين، والمفكِّرين؛ للاجتهاد، واستظهار حقائق الإسلام الكافَّة، وتنقية العقيدة، والفقه الإسلاميِّ ممَّا يشوبها من انحرافات، أو سلبيَّات حدثت على مرَّ التَّاريخ.
• تعمل المسابقة على تنمية المواهب الشَّابَّة بالحرص على إعمال فكرهم من خلال تحفيزهم على خوض غمار البحث العلميِّ في القضايا الملحَّة، والأمور الجادَّة.
• تبرز المسابقة الوجه الحقيقيَّ للدِّين الإسلاميِّ الخاتم، ذلك الدِّين الَّذي يدعو إلى التَّسامح، والرَّحمة، والعدل، والعمل، والإنتاج.
هذا، وقد انطلقت هذه المسابقة سنة 1979م، برعاية كبيرة من أعلام مصر ومثقَّفيها، وقد بدأت بأربعة أبحاث فقط، لكن سرعان ما انتشرت بين ربوع مصر وميادينها، فأقبل عليها الكثير من طلبة العلم من شتَّى المحافظات، ومن مختلف الأعمار.
ولم تقف المسابقة عند حدود مصر، فقد تعدَّتها إلى الدُّول العربيَّة، والإسلاميَّة؛
ليكون بذلك وقف المستشار الفَنْجَرِيِّ لخدمة الدَّعوة، والفقه الإسلامي مساهمةً طيِّبةً لبعثِ الوعيِّ الإسلاميِّ، ونشرِ الفكر السَّليم.
ثَانِيًا: حجِّيَّة وقف خيريٍّ لصالح طلبة المعاهد الأزهريَّة المحتاجين لأجهزة تعويضيَّة بنظارة فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر بصفته:
أصدر الدُّكتور الفَنْجَرِيُّ حجَّة الوقف الخيريِّ رقم 5546 لسنة 2000 توثيق الأهرام النَّموذجيِّ لصالح طلبة المعاهد الأزهريَّة المحتاجين لأجهزة تعويضيَّة، وقيمتها نصف مليون جنيه، في صورة حساب استثماريٍّ خيريٍّ لدى بنك فيصل الإسلاميِّ المصريِّ، يأخذ حكم الوقف، وذلك بعائد سنويٍّ مدعَّم من قِبَلِ البنك كشريك للواقف قدره مائة ألف جنيه.
ثُمَّ أصدر فضيلته حجَّة وقف خيريٍّ رقم 7519/أ لسنة 2007م، بإضافة مبلغ قدره مائة ألف جنيه؛ لتصبح قيمة الوقف مبلغ ستمائة ألف جنيه، وفي المقابل التزم البنك كشريك بعائد سنويٍّ مدعوم قدره مائة وعشرون ألف جنيه.
ثَالِثًا: حُجِّيَّةُ وَقْفٍ خَيْرِيٍّ لِصَالِحِ بُحُوثِ القُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، خَاصَّةً مَجَالَ الإِعْجَازِ العِلْمِيِّ، بِنِظَارَةِ فَضِيلَةِ الإِمَامِ الأَكْبَرِ شَيْخِ الأَزْهَرِ:
وهذه وقفيَّة أخرى أصدرها الدُّكتور الفَنْجَرِيُّ عام 1998م لصالح بحوث القرآن الكريم في مجال الإعجاز العلميِّ، بقيمة أربعمائة ألف جنيه، في صورة حساب استثماريٍّ خيريٍّ لدى بنك فيصل الإسلاميِّ المصريِّ، ويأخذ حكم الوقف، وذلك بعائد سنوي مدعوم من قبل البنك كشريك للواقف قدره خمسة وسبعون ألف جنيه.
وقد قامت لجنة الإعجاز العلميِّ في القرآن الكريم، والسُّنَّة المطهَّرة بإنجازات عديدة، منها:
1- تلخيص نحو ثلاثمائة كتاب تتعلَّق بالإعجاز العلميِّ في القرآن الكريم.
2- إصدار كتاب الرَّدِّ على كتاب "أخطاء إلهيَّة في القرآن الكريم" على أن يتمَّ توزيعه مجَّانًا لكلِّ مَنْ يطلبه، فضلًا عن إهداء نسخ منه لمختلف مكتبات الجامعة المصريَّة، والكلِّيَّات التَّابعة لها.
3- إصدار كتاب محاضرات بعض أعضاء اللَّجنة بقاعة الشَّيخ مُحَمَّد عبده بجامعة الأزهر، وذلك خلال شهر رمضان من كلِّ عام.
4- تخصيص جناح بمكتبة مشيخة الأزهر يستقلُّ بكافَّة الكتب الصَّادرة باللُّغات العربيَّة والأجنبيَّة في مجال الإعجاز العلميِّ في القرآن الكريم.
5- صدور قرار ناظر الوقف فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر رقم 1214لسنة 2003، بشأن التزام الوقف بدعم طلَّاب الماجيستير والدُّكتوراه في مجال الإعجاز العلميِّ في القرآن، وأساتذتهم المشرفين عليهم، وذلك بواقع عشرة آلاف جنيه بالنِّسبة لرسالة الدُّكتوراه، وستَّة آلاف جنيه بالنِّسبة لرسالة الماجيستير.
6- صدور قرار ناظر الوقف فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر رقم 72 لسنة 2004 بشأن الإعلان عن مسابقة عالميَّة حول "الحقائق العلميَّة المعاصرة في ضوء القرآن الكريم".
7- مخاطبة كافَّة الجهات العلميَّة المهتمَّة بالإعجاز العلميِّ في القرآن الكريم، وذلك بمختلف أنحاء العالم الإسلاميِّ؛ للحصول منها على إصداراتها، والعمل على تنسيق الجهود، وتحقيق التَّعاون فيما بينها.
رَابِعًا: حُجِّيَّةُ وَقْفٍ خَيْرِيٍّ لِصَالِحِ طَلَبَةِ جَامِعَةِ الأَزْهَرِ بِنِظَارَةِ رَئِيسِ جَامِعَةِ الأَزْهَرِ:
قام الدُّكتور الفَنْجَرِيُّ بتخصيص وقفٍ خيريٍّ لصالح الطَّلبة المصريِّين بجامعة الأزهر بنفس شرطي الطَّلبة المغتربين، وهما: الاحتياج الماليُّ، والتَّفوُّق الدِّراسيُّ.
وذلك بمبلغ مالي قيمته تسعة وخمسون ألف جنيه.
خَامِسًا: حُجِّيَّةُ وَقْفٍ خَيْرِيٍّ لِصَالِحِ عَدَدِ خَمْسِينَ مِنْحَةٍ دِرَاسِيَّةٍ لِلطُّلَّابِ الأَجَانِبِ الَّذِينَ يَدْرُسُونَ بِالأَزْهَرِ بِنِظَارَةِ رَئِيسِ جَامِعَةِ الأَزْهَرِ:
وفي إطار حرصه على دعم البحث العلميِّ، وطلبة العلم الأجانب المحتاجين؛ قام الدُّكتور الفَنْجَرِيُّ بإصدار حجَّة وقفٍ خيريٍّ لصالح عدد خمسين منحة دراسيَّة للطُّلَّاب الأجانب المحتاجين، والَّذين يدرسون بجامعة الأزهر، سواء بأقسام اللِّيسانس، أو الماجيستير، وقد بلغت قيمة هذه الحجَّة مؤخَّرًا مبلغًا، وقدره خمسمائة وثلاثة، وستون ألف جنيه، ويلتزم بنك فيصل كشريك للواقف بأن يؤدِّي للطَّالب الأجنبيِّ المستحقِّ للمنحة مائةً وخمسين جنيهًا شهريًّا، بالإضافة إلى قيمة تذكرة طيران إلى بلده عند انتهاء دراسته، وتكاليف طبع رسالته الماجيستير أو الدُّكتوراه.
ولم يكتفِ الدُّكتور الفَنْجَرِيُّ بدعم طلبة العلم النَّابهين بجامعة الأزهر خاصَّة الفقراء منهم والمحتاجين، بل امتدَّ الأمر إلى جامعة القاهرة بنظارة رئيس الجامعة بصفته، حيث أصدر حجَّة وقفٍ سابعة بخمس كلِّيَّات بجامعة القاهرة بالجيزة، وصلت قيمته المادِّيَّة بحلول عام 2005 إلى مليون جنيه، يستفيد من عائده عدد مائة وعشرون طالبًا من المحتاجين الأوائل، خلال فترة الدِّراسة.
ثُمَّ أصدر بعد ذلك حجَّة وقفٍ أُخرى لصالح الطَّلبة المحتاجين غير الأوائل ممَّن تعرَّض لظروف خاصَّة تقتضي مساعدتهم، كوفاة عائلهم، أو حادث مؤلم، أو مرض، وما شابه.
وقد بلغت قيمة هذه الحجَّة مبلغًا ماليًّا، وقدره ثلاثمائة، وخمسون ألف جنيه.
هذا إلى جانب حجَّة وقفٍ خيريٍّ لصالح جوائز سنويَّة لأفضل دراسات نظريَّة وتطبيقيَّة لخدمة مصر بقيمة ماليَّة تقدَّر بسبعمائة وخمسون ألف جنيه؛ للإسهام ببحوث في علاج مشكلات المجتمع المصريِّ كالبطالة، والمياه، والطَّاقة، والعشوائيَّات، وغيرها.
ولم ينسَ الدُّكتور الفَنْجَرِيُّ الجمعيَّة الخيريَّة، والَّتي كان يرأسها، ويسعى من خلالها للعمل الخيريِّ، حيث رصد مبالغ ماليَّة وصلت في مجموعها لنصف مليون جنيه.


[1] انظر: كلمة المستشار سعيد الزَّهوي في احتفاليَّة المستشار الدُّكتور الفنجريِّ، إصدار الجمعيَّة الخيريَّة بالقاهرة.

المصدر: شبكة الألوكة الثقافية




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الكتب الدراسية للمرحلتين الإعدادية والثانوية الأزهرية

  Toggle navigation 24 سبتمبر, 2017 بوابة الأزهر تنشر الكتب الدراسية للمرحلتين الإعدادية والثانوية الأزهرية    طباعة في إطار خطة بو...