الجمعة، 24 فبراير 2017

زوجي لا يهتم بالعلاقة الجنسية


تسأل زوجة: انا امرأة متزوجة، مشكلتي أني أعيش في محافظة، وزوجي يعمل في محافظة أخرى، ولا نلتقي إلا نهاية الأسبوع، ولا نلتقي إلا عند أهل زوجي!

للأسف لا أكتفي ولا أشبع بفِطرةَ الجنس مع زوجي، وعندما أخبرتُه اعتذر لي بحُجَج واهية، وكلَّما طلبتُ منه اعتذر لي.
للأسف لا أستطيع تحمُّل هذا الوضع، وقد اقترحتُ عليه أن أذهبَ إليه وسط الأسبوع أو يأتي هو إلى محافظتي، فرفض بحجة أن الوقت لا يَكفي.
المشكلة أن زوجي يقول لي: نحن متزوجان منذ مدة، وبدأتُ أكتفي مِن الجماع؛ وذلك لأننا في بداية حياتنا الزوجية كنا مهتمَّين بهذا الأمر، وكنا نمارس العلاقة الزوجية كثيرًا، فماذا أفعل؟!


الجواب
يجيب الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي :

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فتعلمين أيتها الابنة الكريمة أن الشارع الحكيم أنزل تشريعات تنظيم الأسرة؛ حتى لا تكون العلاقة الزوجية ريشةً في مهبِّ الرياح، فهي مربوطة العُرى بشرع الله، بل هي أوثق العرى وأبقاها؛ فقال سبحانه: ﴿ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا ﴾ [النساء: 21].

فالأسرةُ في الإسلام سكنٌ وأمن وسلامٌ، والعلاقة بين الزوجين مودَّة ورحمة وأُنسٌ، وتقوم على التجاوب والتعاطف والتحابِّ، وإمساك للبيوت من النزوات الجامحة، والعاطِفة المتقلبة، والهوى الذاهب مع الريح!

وفي ظلِّ هذه النظرة السامية العميقة تُحلُّ أي مشكلة مهما كَبُرتْ بالتفاهم والود والرحمة، والمناقشة الهادئة، ووضع حلول واقعية قابلة للتنفيذ، وربط هذه العلاقة كلها بتقوى الله ورقابته، والميل إلى التريُّث والمصابرة حتى في حالة الكراهية.

إذا قرَّرنا تلك القاعدة أيتها الابنة الكريمة نعود لأصل المشكلة، وكيف وضَع لها الشارع الحكيم الحلول المناسبة، فقد أوجب الله تعالى على الرجل معاشرة زوجته بالمعروف، وجعل الجماع من آكَدِ الحقوق للمرأة على زوجها، بل إنه مِن أهمِّ مقاصد النكاح؛ ففي صحيحَي البخاري ومسلم عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، أنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ((يا معشر الشباب، مَن استطاع منكم الباءة فليتزوَّج، فإنه أغضُّ للبصر، وأحصَن للفرج، ومَن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء)).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى (1 / 294): "ويجب على الرجل أن يطأ زوجته بالمعروف، وهو مِن أوكَدِ حقِّها عليه أعظم من إطعامها.

والوطء الواجب قيل: إنه واجب في كل أربعة أشهر مرة، وقيل: بقَدرِ حاجتها وقدرته، كما يُطعِمها بقدر حاجتها وقدرته، وهذا أصحُّ القولين".

فتكلَّمي مع زوجك، وبيِّني له أنه لا يجوز له ترك فراش الزوجية، وأن ذلك يضرُّ بك، وأن الشرع والرجولة والمروءة وحُسْن المُعاشرة يوجبون عليه أن يسعى في إعفافك، فإن كان يشعر بضعفٍ أو فتور أو أي مانع فيجب عليه السعي في إزالته، وعلاج المشكلات الجنسية أصبح ميسورًا في زماننا، ويشهد طفرة طبية كبيرة.

وإن كان الأمر يتعلق بك من جهة اهتمامك بنفسك أو زينتِكِ، فتهيَّئي له، فربما كانت نفرته بسبب انشغالك عنه، أو ترك التزيُّن له.

فإن شعرتِ بعدم استجابته فلا بأس أن تذهَبَا لبعض أهل العلم ليُبيِّن له ما يجب على الزوج، وأنه يكون آثمًا مُسيئًا لعشرة زوجته، وظالمًا لها بعزوفه عن المعاشَرة، وأن حق الزوجة على زوجها أن يعفَّها بقدر طاقته وحاجتها، وأن إشباع حاجتها يعدُّ مِن حُسن العِشرة، ومما يؤجر عليه العبدُ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وفي بُضعِ أحدكم صدقة، قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدُنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتُم لو وضعها في حرام، أكان عليه فيها وزرٌ؟ فكذلك إذا وضَعها في الحلال كان له أجر))؛ رواه مسلم.

والحاصل - سلَّمكِ الله - أن هذا الأمر لا يَصلح فيه إلا المصارحة، فإن لم يُفِد ذلك - لا قدَّر الله - فإن كنتِ تقدرين على الصبر والاستعفاف بالصوم وحفظ السمع والبصر عن الحرام، والاستعانة بالله تعالى، وتقوية الصِّلة به، وشغل الأوقات بالأعمال النافعة، وإلا فمِن حقِّك طلب الطلاق أو الخلع، وليس عليك عتبٌ ولا جُناح، وإنما يحرم طلب الطلاق من غير بأس؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أيما امرأة سألتْ زوجها الطلاق مِن غير ما بأسٍ، فحرام عليها رائحة الجنة))؛ رواه الإمام أحمد وأبو داود.
أسأل الله أن يصلح زوجَكِ، وأن يقدر لكما الخير حيث كان

المصدر//  شبكة الالوكة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الكتب الدراسية للمرحلتين الإعدادية والثانوية الأزهرية

  Toggle navigation 24 سبتمبر, 2017 بوابة الأزهر تنشر الكتب الدراسية للمرحلتين الإعدادية والثانوية الأزهرية    طباعة في إطار خطة بو...