الجمعة، 24 فبراير 2017

قصص قصيرة جداً



مغـامرات عاطـفية
كان ينظر إلى السماء في خلوتهما، ويشهد الله أنها زوجته، كما يرى في الأفلام، وتُوهِمُها النارُ التي أشعلها في كيانها أنه – ربما – صادق، ويزهو بمغامراته العاطفية، والنتيجة آثار لحوم أطفال بين أسنان القطط والكلاب، أو أجسادٌ قتيلةُ الروح ملقاة في الشوارع وعلى جنبات الطريق!

قصة أحد الوجوه
مثلما هي عادتي دائمًا، بقيت أتأمَّل وجوهَ الرُّكَّاب، وأتطلع لما تُخفيه سرائرُ الصامتين منهم، تناول الشيخ كتابًا مغلفًا بورق الجرائد، وغادر رفقتُه المكان، حينما بقيت حبيس الحافلة التي ظُلِمْتُ بأن لم تخرج من الخدمة، كما ظُلِمَ هذا الرجل بوجودي معه في الرِّحلة نفسها.

قصة تصاريف القدر
رغم ألَمِه لم ينسَ ابنه الصغير، ورَدَّد بصوت آخذ في الأُفُول: أين بشير؟ أجابته المسكينة عائشة: هو في الحارة مع إخوته، لكنَّه لم ينتبه لصوتها الوفي، رغم أنه رماها ذات يوم في هوة الفقر والوحدة السحيقة، كما رماه القدر من أعلى البناية.

قصة شيخ المسجد
عند باب المسجد بعد صلاة الصبح، ألقى عليه التحية، فإذا به يُناوله كتابَه الذي أخذه بالأمس.

• لِمَ تَرُدُّه لي يا شيخ؟ ألم يعجبك؟ ابتسامة عريضة.

• لا، بل فرغت منه.
الريـح
انحنى للريح حين هبَّت صامدًا، وبعد اعتداله نظر إلى رفاقه، فوجد أكثرهم قد طاروا مع الريح، فبدا له مدى خفَّتهم، مع أنهم كانوا حملاً ثقيلاً.

الحفـرة
كان في سباق دائم مع الحياة، ينظر إلى أقصى مدى ويسعى لأن يكون فائزًا في الحياة، وفجأة وقع في حفرة عميقة نَسِيها منذ زمن بعيد، فخسر وندم أشد الندم على نسيانها، مع أنه كان يعلم مكانها.

أمـواج الشـك
أحبَّها، وشكا إليها جفاءها، وأيقنت نفسه أنه سيكون زوجَها، فأغرقته في بحار الحب والهوى، وأعلنت بكل جوارحها أنه حبيبها، فانتزعته أمواج الشك؛ فعافها وتركها!



الشجـاعة البئيسة
كان أسدًا هصورًا في القتال، قال لصديقه: احمِ ظهري ودع لي الأعداء، فلما بدأ القتال، طعنه مَن ظنَّه صديقَه في ظهره، فانفجرت دماؤه صائحة: بئست الشجاعة مع من لا يعرف مَن عدوُّه ومن صديقُه!

زواج الانتـحار
أنقذوها بعدما شرعت في الانتحار؛ فلا حياة دون امتزاج الجسدين، بعد امتزاج الروحين، والأب بين نارين وحُلمين، حلمه في فارس نبيل، وحلمها في عاشق جميل، فوافق معلنًا أنها ستشرب من كأس الندم؛ ففرحت بعودة حياتها بعدما ظنت مماتها، وتوحّد العاشقان، ثم عادت بعد صبر الجمال لتعلن: لم تنقذوني؛ فكان زواجي منه هو الانتحار!

 أمـي
في الرِّواق الطويل بين جدارين يَحجبان الأنظار عن عالَم الغَفْلة، تَمُرُّ الممرضات ذهابًا وإيابًا، تتقاطع النظرات في تيه عجيب، وتتعالى دموعٌ مع أصوات السَّكَرات العابثة بالأجساد الملقاة على الأَسِرَّة… قابلتني عند باب الغرفة الموجودة في أقصى المكان؛ حيث يتسرب السكون - عجوزٌ تألَف الحزنَ وتَجاعيد وجهها العتيق.

• منذ ساعة رحلت وقد قالت: سامحني.

• تَرَيْنَ عمَّ أسامحك يا أمي؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الكتب الدراسية للمرحلتين الإعدادية والثانوية الأزهرية

  Toggle navigation 24 سبتمبر, 2017 بوابة الأزهر تنشر الكتب الدراسية للمرحلتين الإعدادية والثانوية الأزهرية    طباعة في إطار خطة بو...