الأحد، 18 ديسمبر 2016

أدلة تحريم العلاقات الجنسية الغير مشروعة من الكتاب والسنة ودليل الإجماع

أدلة تحريم العلاقات الجنسية الغير مشروعة من الكتاب والسنة ودليل الإجماع

إن العلاقات الجنسية الغير مشروعة حرام بقواطع الأدلة الثلاثة : محكم القرآن ، وصحيح السنة ، وإجماع الأمة ويمكن التدليل على حرمة هذه العلاقات كالاتي:

1- أدلة تحريم الزنا
أولاً: الأدلة من القران الكريم
الله تبارك وتعالى حرم الزنا ، وسماه فاحشة في غير ما آية ، وجعله من السبع الموبقات ، فقد حرم الله تبارك وتعالى على الإنسان الخبائث ، ومن أخبثها فاحشة الزنا وجعل عليه عقوبة لم يجعلها على جريمة ، وهي الرمي بالحجارة للزاني المحصن مثلا حتى تسيل روحه نفسا نفسا بحضرة ذويه وغيرهم وذلك في قوله تعالى (وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين)([1]) كما حكم بالمكافأة بين الزنا والشرك وذلك في قوله تعالى(الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين)([2]) .
قال الإمام الفخر الرازي : " من أحسن ما قيل في تفسير هذه الآية أن الفاسق الخبيث الذي من شأنه الزنا والفسق لا يرغب في نكاح الصوالح من النساء ، وإنما يرغب في فاسقة مثله أو في مشركة ، والفاسقة الخبيثة لا يرغب في نكاحها الصلحاء من الرجال وينفرون عنها ، وإنما يرغب فيها من هو من جنسها من الفسقة والمشركين"([3]).

- وقوله تعالى (ولا تقربوا الزنى انه كان فاحشة وساء سبيلا)([4]) وقوله تعالى (ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن)([5]) .

- وقوله تعالى(وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا)([6])

ثانياً: أدلة السنة النبوية المطهرة على تحريم الزنا
- قوله صلى الله عليه وسلم ( لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، إلا بإحدى ثلاث : الثيّب الزاني ، والنفس بالنفس ، والتارك لدينه المفارق للجماعة )([7]).

- وأخرج مسلم واحمد والنسائي قوله صلى الله عليه وسلم ( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ، ولا ينظر إليهم ، ولا يزكيهم ، ولهم عذاب أليم  قال : فقرأها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث مرات : المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب ) وفي رواية : ( المنان الذي لا يعطي شيئا إلا منه ، والمسبل إزاره  وفي رواية : ( شيخ زان وملك كذاب ، وعائل مستكبر).

ثالثاً: دليل الإجماع
 فبعد ثبوت تحريم الزنا بالكتاب والسنة قد انعقد الإجماع على تحريم الزنا ([8]) والإجماع صح وثبت أنه من الضروريات التي أجمعت الملل من عهد آدم عليه السلام إلى يومنا هذا على تحريمها ، والضروريات عند الأصوليين ما كان حفظهما سببا للسلامة من هلاك البدن أو الدين .
والضروريات مقدمة على الحاجيات ومكارم الأخلاق عند التعارض ، وهذه الضروريات هي أصول المصالح وهي المرتبات كما يلي : - الدين ، ثم النفس ، ثم العقل ، ثم النسب ، ثم المال ، ثم العرض .
الدين : ولأجل حفظه شرع الجهاد وقتل المرتد إن لم يتب .
النفس : ولأجل حفظها شرع حد القصاص .
العقل : ولأجل حفظه شرع حد الخمر وحرم كل مسكر .
النسب : ولأجل حفظه شرع حد الزنا بأفظع عقوبة ، وهي الرجم للمحصن كما تقدم .
المال : ولأجل حفظه شرع حد السرقة وحد قاطع الطريق .
العرض : بكسر العين ، موضع المدح والذم من الإنسان ، ولأجل حفظه شرع حد القذف .

2- أدلة تحريم اللواط
اللواط جريمة شنيعة وفاحشة قبيحة، ورذيلة مذمومة، وفعلة منكوسة، وفطرة مطموسة، وقد ثبت تحريمها بالأدلة القواطع كالاتي:
أولا: من القرآن الكريم
ـ قال تعالى : (ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين * إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون * وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون * فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين *وأمطرنا عليهم مطرا فانظر كيف كان عاقبة المجرمين)([9])
قال القرطبي في تفسيره (واجمع العلماء على تحريم اللواط، وإن الله تعالى عاقب قوم لوط وعذبهم لأنهم كانوا على معاص وذنوب، ومنه الفعلة المشينة والعملة القبيحة ألا وهي اللواط، فأخذهم الله بذلك، ولأنه كان منهم الفاعل والراضي بذلك، فعوقبوا جميعا لسكوت الجماهير عليه، وهي حكمة الله وسنته في خلقه، وبقي أمر العقوبة على الفاعلين مستمرا.

ـ قال الله تعالى: (والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون)([10]).
قال الشنقيطي رحمه الله في تفسيره (ذكر جل وعلا أن من صفات المؤمنين المفلحين الذين يرثون الفردوس ويخلدون فيها، حفظهم لفروجهم، من اللواط والزنا ونحو ذلك، وبين أن من لم يحفظ فرجه عن الحرام بل تعدى حدود الله فهو ظالم لنفسه ومهلكها وموبقها وموقعها في شديد عذاب الله تعالى).

ثانياً: من السنة النبوية المطهرة.
لقد جاءت الأحاديث الصحيحة متضافرة من تحريم الفواحش بكل أنواعها وحرم التعدي على حدود الله.
- عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إن الله يغار وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله عليه)([11])
- وعن بريده رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ولا ظهرت الفاحشة في قوم إلا سلط الله عليهم الموت)([12]).
- وعن بن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يلعنوا بها، إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا) ([13])
ـ عن بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ملعون من عمل بعمل قوم لوط)([14])
ـ وعن بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط، فاقتلوا الفاعل والمفعول به) ([15]) وعند الترمذي ((أحصنا أو لم يحصنا))

ثالثاً: دليل الإجماع.
أجمع العلماء على أن اللواط حرام، وفاعله ملعون والعياذ بالله، نقل ذلك الإجماع أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي في تفسيره الجامع لأحكام القرآن. وذلك لأن في اللواط شذوذ جنسي وأخلاقي وإنزال للنفس البشرية إلى منزلة البهائم بل أسفل من ذلك، ولما فيه من انتكاس للفطر السليمة التي فطر الله الناس عليها، وفيه حدوث علاقات جنسية محرمة بين الرجال بعضهم البعض ولما فيه من إيذان بعذاب الله تعالى إن لم توقع العقوبة على الفاعل والمفعول به، لذا جاء التحريم شرعاً وعرفاً لفعل فاحشة اللواط والعياذ بالله. وقد أجمع الصحابة على قتل الفاعل والمفعول به ولكنهم اختلفوا في كيفية القتل.

3- أدلة تحريم السحاق بين النساء.
وهذا أمر محرم لما تطلبه المرأة من قضاء الوطر بطريقة غير شرعية، ولما في ذلك الأمر من تعد لحدود الله تعالى، وتنكب لها إلى ما حرم سبحانه من ميل المرأة إلى امرأة مثلها، وممارسة ذلك الأمر المحرم معها، ولا ريب أن هذه العادات دخيلة على المسلمين في بلادهم.
- وقد جاءت الأدلة محرمة هذه العادة، في قوله صلى الله عليه وسلم: (لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة، ولا يفضي الرجل إلى الرجل في الثوب الواحد، ولا تفضي المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد)([16]) فهذا تحذير نبوي كريم للحذر من أسباب الوقوع في اللواط والسحاق، وعن أبي موسى الأشعري مرفوعاً: (إذا أتت المرأة المرأة فهما زانيتان)([17])
ولا خلاف بين العلماء في أن السحاق حرام لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (السحاق زنا النساء بينهن) وقد عده ابن حجر من الكبائر.







[1] النور 2
[2] النور 3
[3] التفسير الكبير للإمام الرازي ج23 ص150
[4] الإسراء 32
[5] الأنعام 151
[6] الفرقان 68
[7] أخرجه البخاري في كتاب الديات- باب قول الله تعالى: {أن النفس بالنفس} (6878) ومسلم في كتاب القسامة- باب ما يباح به دم المسلم (1676)، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
[8] اجماعات بن المنذر ص69 مسألة 630
[9] الأعراف 80 ـ 84
[10] المؤمنون 5 ـ7
[11] رواه البخاري ومسلم.
[12] رواه الحاكم وهو حديث صحيح لغيره.
[13] رواه بن ماجة وغيره وهو حديث صحيح لغيره.
[14] صحيح الجامع برقم 5891.
[15] صححه الألباني في الإرواء برقم 2350
[16] رواه مسلم وأبو داود وأحمد والترمذي)
[17] رواه البيهقي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الكتب الدراسية للمرحلتين الإعدادية والثانوية الأزهرية

  Toggle navigation 24 سبتمبر, 2017 بوابة الأزهر تنشر الكتب الدراسية للمرحلتين الإعدادية والثانوية الأزهرية    طباعة في إطار خطة بو...