الأحد، 18 ديسمبر 2016

الطب الوقائئ النبوي

الحرص على سلامة المياه من التلوث وتنمية الذوق الجمالي
وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم : "اتقوا الملاعن الثلاث ، البراز في الموارد , وقارعة الطريق والظل"

نص الحديث
روى معاذ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اتقوا الملاعن الثلاث: البراز فى الموارد , وقارعة الطريق , والظل ".[1]

شرح الحديث
هذا الحديث يتضمن النهي عن قضاء الحاجة في الأماكن التي يرتادها الناس ويترددون عليها، كالظل والطريق ومكان وجود الماء ونحو ذلك، كالحدائق العامة والأسواق.
ومعنى "الملاعن" جمع ملعنة، وهي الفعلة التي تكون سببا للعن صاحبها، أي التي تجلب على فاعلها اللعنة من الله والناس

دور الماء الملوث في نقل الأمراض
كثيرة هي الأمراض التي تنتقل بالماء الملوث، ولاسيما تلك التي تسببها بعض الجراثيم أو الطفيليات التي يحتوي عليها براز الإنسان المريض أو بوله، وفي مقدمتها الحمى التيفودية ( التيفود ) وداء البلهارسيا المنشقات) وداء الديدان الشصية (الملقوات أو الانكيلوستوما) وسائر الديدان.

أما الحمى التيفية ( التيفود ) فتكون جراثيمها في أمعاء الإنسان ودمه وبوله. فاتصال بول المصاب بها أو اتصال برازه بالماء، يمكن أن يؤدي إلى نقل جراثيمهاإن كانت فيه. ولقد كان الماء من أهم وسائل نقل هذا المرض وانتشاره في الناس قبل اتخاذ الوسائل الحديثة لتطهيره ومراقبته في البلدان الراقية، ولكنه مازال عامل مهما في نقلها في البلدان النامية.

وأما مرض البلهارسيا ( أو داء المنشقات،، فهو مرض يتصف بالتهاب في المثانة (يتجلى بتبول الدم) أو التهاب قي القولون (يتجلى بالزحار ( الدوسنطاريا،). وتنطرح بيوض الطفيلي مع البول في النوع الأول، ومع البراز في النوع الثاني. حتى إذا ما بلغت الماء، ولاسيما الماء الراكد القليل الحركة، فإنها تنفقس عن يرقة صغيرة، لا تلبث أن تدخل أحد أنواع الحلزون أو في ذوات القواقع، حيث تتخلق فيه خلقاً من بعد خلق، حتى تتحول إلى يرقة ذات ذنب، تدعى الذانبة ( سركاريا). وهذه الذوانب تسبح في الماء، حتى تصادف إنساناً يغتسل في الماء، أو يسبح فيه، أو يغسل فيه ثيابه، أو يشرب منه، أو يخوض في ماء الري، وإذ ذاك تخترق بشرة الجلد، بأن تدس نهايتها الأمامية في الجلد وتستغني عن ذيلها.

وفي غضون أربع وعشرين ساعة، تكون الذوانب قد وصلت إلى الدم، فتجول في الدوران الدموي، ثم ينتهى بها المطاف إلى داخل الكبد، حيث تكبر وتبلغ وتتزاوج، ثم تهاجر إلى جدران المثانة أو الأمعاء لتبيض.

وواضح أن السبب في استمرار هذه الدورة الموذية، هو مواصلة التبول أو التغوط بشكلٍ يصل معه البول أو البراز إلى المياه السطحية، ولا سيما المياه الراكدة، وأن الوقاية تكون بالامتناع عن هذا الفعل الذميم، الذي نهت عنه الشريعة الإسلامية نهيا واضحا صريحا.

وأما الديدان الشصية فهي ديدان تكون في الأمعاء، وتحدث في المصاب بها الماً بطنيا موجعاً. وبعد مدة يظهر فقر الدم الشديد، وتصير الأغشية المخاطية كلها شاحبة جدا، وينتفخ الوجه وتتورم الرجلان وقد يظهر في المريض استسقاء، أي تراكم السوائل في أنسجته وأجوافه (جوف البطن مثلا). وإذا لم يعالج المرض ، فيعم الاستسقاء جميع الأطراف، أو ينحل المريض ويهزل جدا حتى تبدو عظامه، ولكنه على كل حال يبقى منتفخ البطن بالسوائل، حتى يموت.

وبيض هذه الديدان التي تنطرح مع البراز، وتفقس عن يرقاتها إذا وجدت تربة رطبة، كأرض الحقول أو المزارع أو المناجم، فإذا لامسها إنسان نفذت من جلده مباشرة ، وتابعت مسيرتها فيه حتى تبلغ الدم، ثم تصل بالدوران إلى الكبد ثم الرئة ثم الأمعاء. وأكثر من يتعرض لعدواها الزراع وعمال المناجم، ولكنها ا، كذلك تهاجم الأطفال الذين يخوضون فى الوحل الموبوء بها حفاة فيصابون بها. وواضح أن الوقاية منها تقوم على الحيلولة دون وصول شىء من الغائط إلى سطح الأرض ولاسيما في الظل ، إذ يحافظ الظل على الرطوبة اللازمة لحياة اليرقات، ويحفظها من التأثير المطهر الذي تتصف به أشعة الشمس. [2]




الإعجاز العلمي في الحديث أو(الطب الوقائئ النبوي)
من مفاهيم الطب الوقائي في الطب النبوي أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) أمر بالوقاية من هذه الأمراض التي تنتقل عن طريق الماء الملوث قبل أن تعرف البشرية هذا الأمراض الخطير بمئات السنين وتتلخص هذه الوقاية في أمرين اثنين .

1-   منع وصول جراثيم هذه الأمراض وطفيلياتها إلى الماء أو التربة الرطبة وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم (" اتقوا الملاعن الثلاث: البراز في الموارد , وقارعة الطريق , والظل "
2- عدم تعريض الإنسان نفسه إلى عدواها بنزوله في الماء (الانغماس)الذي يحتمل أن يحتوي عليها، وهو على الخصوص الماء الراكد القليل الحركة وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم (لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل فيه)

فهذا هو بالضبط ما ورد في الهدي النبوي من ضوابط  ومن تحريم التبول و التغوط في الموارد، وهي جميع المصادر التي يستقى منها الماء ، مع تخصيص للماء الراكد، الذي رأينا أنه أنسب المياه لنمو الطفيليات . وفيها النهي عن أن يبول الرجل في مستحمه ، أي الماء الذي يستحم فيه . وهذا من جهة لفت نظر للمرء إلى أن هذا الماء الذي يبول فيه الآن قد يستحم فيه فيما بعد ، وهي وسيلة تربوية لجعله يستنكر ذلك ؛ ومن جهة أخرى وقاية للآخرين ، لأن التبول في هذه المياه الراكدة الساكنة التي يستحم الناس فيها عادة (ومنها الترع والمسابح) مدعاة لعدوى الأمراض. وفي هذه الأحاديث أيضاً النهي عن التغوط في الظل.
 وفي هذا بالإضافة للناحية الاجتماعية التي تقبح أمكنة اعتاد الناس أن يستريحوا فيها، إشارة مهمة إلى الناحية الصحية، لأن أماكن الظل لا تتعرض إلى أشعة الشمس القوية بما فيها من خصائص قاتلة للجراثيم. وقد تقدم أن الظل يحافظ على، الرطوبة اللازمة لحياة يرقات الدودة الشخصية . ويقاس على البول والبراز كل ما يتلوث به الماء، ويصيب الإنسان في صحته، كإلقاء فضلات المصانع، والحيوانات النافقة، والقمامة، في الأنهار والترع والمصارف.

 الباحث / محمد احمد سليممعلم بالأزهر الشريف 





[1] ". رواه أبو داود (ص 20) حديث جسن


[2] الإسلام وصحة البيئة
الأستاذ الدكتور/ مجاهد أبو المجد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الكتب الدراسية للمرحلتين الإعدادية والثانوية الأزهرية

  Toggle navigation 24 سبتمبر, 2017 بوابة الأزهر تنشر الكتب الدراسية للمرحلتين الإعدادية والثانوية الأزهرية    طباعة في إطار خطة بو...