الأحد، 18 ديسمبر 2016

أنواع المياه بين العلم والقرآن

: أنواع المياه بين العلم والقرآن
وذلك في قوله تعالى(وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ)[1]

قد فرّق القرآن الكريم وميّز بين أنواع المياه بدقة فائقة، وصنفها بما يتناسب مع درجة نقاوتها. فالقرآن يسمي الماء العذب الذي نشربه من الأنهار والآبار بالماء الفرات ويسمي ماء البحر الذي يحتوي على نسبة عالية من الملوحة بالماء الأجاج ويسمي الماء النازل من السماء (ماء المطر) بالماء الطهور.

من أقوال المفسرين في الآية
في تفسير بن كثير يقول تعالى منبهاً على قدرته العظيمة في خلقه الأشياء المختلفة، خلق البحرين العذب الزلال، وهو هذه الأنهار السارحة بين الناس من كبار وصغار، بحسب الحاجة إليها في كل الأقاليم والأمصار، وهي عذبة سائغ شرابها لمن أراد ذلك { وهذا ملح أجاج} أي مر وهو البحر الساكن الذي تسير فيه السفن الكبار، وإنما تكون مالحة زُعاقاً مرة، ولهذا قال: { وهذا ملح أجاج} أي مر )[2]

وجاء في  تفسير الجلالين { وما يستوي البحران هذا عذب فرات } شديد العذوبة
{ سائغ شرابه } شربه { وهذا ملح أجاج } شديد الملوحة { ومن كل } منهما
{ تأكلون لحما طريا } هو السمك { وتستخرجون } من الملح، وقيل منهما { حلية تلبسونها } هي اللؤلؤ والمرجان { وترى } تُبصر { الفلك } السفن { فيه } في كل منهما { مواخر } تمخر الماء، أي تشقه بجريها فيه مقبلة ومدبرة بريح واحدة
{ لتبتغوا } تطلبوا { من فضله } تعالى بالتجارة { ولعلكم تشكرون } الله على ذلك)[3].
وجاء في تفاسير أخرى كثيرة أقوال مشابهة لهذا المعنى

1- الماء الفرات
(الماء الفرات) في اللغة هو الماء المستساغ المذاق كما في المعاجم اللغوية.
سمّى الله تعالى ماء الأنهار والماء المختزن تحت الأرض والذي نشربه بالماء الفرات، أي المستساغ الطعم، بينما سمّى ماء البحر بالأجاج للدلالة على ملوحته الزائدة، وسمى ماء المطر بالماء الطهور، وبذلك يكون القرآن أول كتاب يعطينا تصنيفاً علمياً للمياه.

يقول تعالى: (وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا) [4]. فالماء الذي نشربه من الأنهار والينابيع والآبار ماء عذب ومستساغ المذاق لأنه يحوي كمية من المعادن مثل الحديد الذي يجعل طعم الماء حلواً. وهذا يناسبه كلمة (فُراتاً)، و(الماء الفرات) في اللغة هو الماء المستساغ المذاق . بينما الماء النازل من السماء هو ماء مقطر يمتلك خصائص التعقيم والتطهير وليس له طعم! لذلك وصفه البيان الإلهي بكلمة (طَهوراً). يقول تعالى: (وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا) [5].
فالماء عندما ينزل من السماء يكون طهوراً ثم يمتزج بالمعادن والأملاح في الأرض ليصبح فراتاً. وحتى عندما يتحدث القرآن عن مياه الأنهار نجده يستخدم كلمة (فراتاً) ولا يستخدم كلمة (طَهوراً) لأن ماء النهر العذب يحتوي على كثير من المعادن المحلولة فيه).[6]

2- الماء الأجاج
في معجم المعاني الجامع (أجاج :اسم  وطعم أجاج: طعم شديد الملوحة والمرارة  الكلمة من فعل (تأجّج) أي زاد وبالغ .

لقد أعطى الله تعالى لكل نوع من هذين النوعين{الماء الفرات –والماء الأجاج} صفتين: (عَذْبٌ فُرَاتٌ) – (مِلْحٌ أُجَاجٌ). فنحن نعلم بأن ماء النهر (عذب)، فلماذا أضاف الله صفة ثانية وهي (فرات)؟ وكذلك ماء البحر (ملح) فلماذا أضاف الله له صفة ثانية وهي (أجاج)؟ وفي الوقت نفسه وصف الله تعالى ماء المطر بصفة واحدة فقط وهي (طهوراً)
ولهذا نلاحظ علماء المياه عندما يتعاملون مع الماء لا يكتفون بإطلاق صفة العذوبة أو الملوحة على الماء. فكل المياه التي نراها على الأرض سواء في الأنهار أو البحيرات أو مياه الآبار جميعها تحوي أملاحاً بنسبة لا نكاد نشعر بها
لذلك جاء البيان الإلهي بصفة ثانية وهي (فرات) أي مستساغ المذاق بسبب انحلال بعض المعادن والغازات فيه والتي تعطي الماء طعمه المعروف. وبالمقابل نجد أن صفة (ملح) لا تكفي لوصف ماء البحر بشكل دقيق فأتبعها الله تعالى بصفة ثانية وهي (أجاج) أي زائد عن الحد، وهذه الكلمة من فعل (تأجّج) أي زاد وبالغ كما في معاجم اللغة العربية.

3- الماء الطهور (ماء المطر).
ماء المطر هو ماء مقطر، هذا الماء النقي له خصائص مطهرة وهو مزيل ممتاز للأوساخ ويستطيع تطهير وتعقيم أي شيء. وقد صدق الله تعالى عندما سمّى الماء النازل من السماء بالماء الطهور، وهي تسمية دقيقة من الناحية العلمية: (وأنزلنا من السماء ماء طَهوراً)[7].
اكتشف العلماء أن  الماء يمكن تنقيته بتسخينه حتى درجة الغليان أي 100 درجة مئوية، ثم جمع البخار وتكثيفه وتبريده، والحصول على الماء المقطر الذي يكون نقياً لدرجة كبيرة. ويقولون أيضاً إن أفضل أنواع الماء المقطر هو ماء المطر، ولكن قبل سقوطه على الأرض وتلوثه بالملوثات الموجودة في الهواء.
عندما ينزل ماء المطر على الأرض يتسرب عبر التربة وبين الصخور ويسلك مسارات معقدة جداً، وخلال رحلته يمتزج ببعض المعادن والأملاح الموجودة في الصخور، ويأخذ طعماً قلوياً شيئاً ما. ولذلك نجد أن طعم الماء المقطر غير مستساغ لأنه عديم الطعم، بينما طعم ماء الينابيع يكون مستساغاً [8].

وجه الإعجاز في الاية
1- كلمة (فراتاً) لا يستخدمها الله تعالى مع ماء السماء أبداً، بل مع الماء الذي نشربه. لأن ماء الأنهار ليس نقياً مئة بالمائة، بل هنالك بعض الأملاح والمعادن المنحلة فيه والتي تعطيه طعماً مستساغاً.

2- حين يتحدث القرآن عن ماء البحر يستخدم  كلمة (أجاج) للدلالة على الملوحة الزائدة فيه. والقرآن لا يكتفي بإطلاق صفة الملوحة على ماء البحر، أي لم يقل ربنا سبحانه (وهذا ملح) بل قال: (وهذا ملح أجاج). لأننا من الناحية العلمية إذا قلنا إن هذا الماء يحوي أملاحاً فإن هذا لا يعني شيئاً لأن كل المياه على الأرض فيها أملاح بنسبة أو أخرى، ولذلك يجب أن نحدد نسبة الملوحة فيه، وهذا ما فعله القرآن.

3- يتجلى وجه الإعجاز في  القرآن حين يستخدم  كلمة (طَهوراً) مع الماء النازل من السماء لأنه ماء نقيّ، وهو ما يسميه العلماء بالماء المقطر ويعدّونه مادة مطهرة.

4-  القرآن أول كتاب تحدث عن خاصية التطهير الموجودة في ماء المطر أو الماء المقطر، وهذه الصفة كما قلنا لم تُستخدم في القرآن إلا مع ماء السماء. بينما نجد كتب البشر لا تفرق بين الماء العذب والماء الطهور والماء الفرات، بينما القرآن ميز بينها ووضع كل كلمة في مكانها الدقيق.

إذن نستطيع القول بأن القرآن تحدث عن مواصفات وخصائص الماء قبل أن يكتشفها علماء الفيزياء بقرون طويلة. أي أن القرآن هو أول كتاب يفرّق بين أنواع المياه، أليس هذا دليلاً مادياً على أن القرآن صادر من الله تبارك وتعالى؟؟
فسبحان الذي أحكم آيات كتابه وكلماته وكل حرف

الباحث / محمد احمد سليممعلم بالأزهر الشريف


[1] فاطر  12
[2] تفسير بن كثير  فاطر- 12
[3] تفسير الجلالين فاطر  12
[4] المرسلات 27
[5] الفرقان  48
[6] المهندس عبدالدائم الكحيل  www.kaheel7.com/ar
[7] الفرقان  48
[8] -  المهندس عبدالدائم الكحيل  www.kaheel7.com/ar

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الكتب الدراسية للمرحلتين الإعدادية والثانوية الأزهرية

  Toggle navigation 24 سبتمبر, 2017 بوابة الأزهر تنشر الكتب الدراسية للمرحلتين الإعدادية والثانوية الأزهرية    طباعة في إطار خطة بو...