الأحد، 18 ديسمبر 2016

ثبات كميات الأمطار على الأرض في كل عام

: ثبات كميات الأمطار على الأرض في كل عام
وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم (ما من عام بأقل مطراً من عام ولكن الله يصرفه)[1]


تخريج الحديث
أخرج الإمام البيهقي ـ يرحمه الله ـ في السنن الكبرى برقم 6275 (الجزء الثالث , ص 363 من طبعة الهند) هذا الحديث الشريف الذي رواه ابن مسعود ـ رضي الله تعالى عنه ـ عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولفظه : " ما من عام بأقل مطرًا من عام "
وهذا الحديث الشريف أخرجه الحاكم في المستدرك برقم 3520 (الجزء الثاني , ص 403 من طبعة الهند) مروياً عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ بلفظ : " ما من عام بأمطر من عام , ولكن الله يَصْرِفُهُ ـ أو يُصَرِّفُه  .
وعلى الرغم من أن النص الأول موقوف على ابن مسعود ، والنص الثاني موقوف على ابن عباس ـ رضي الله عنا وعنهم أجمعين ـ , مما دفع ببعض دارسي الحديث إلى تضعيف الرفع لعدم فهم دلالته العلمية , فإن هذا الحديث الشريف يمثل سبقًا علمياً للمعارف الإنسانية بأكثر من ألف وأربعمائة سنة , كما يمثل نصاً رائعاً من نصوص الإعجاز العلمي في أحاديث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم .

الدلالة العلمية للحديث
1- أثبتت  الدراسات العلمية المستفيضة  حجم و كمية الماء على سطح الأرض بأنها كمية هائلة إذ تقدر بحوالي 1360 مليون كيلو متر مكعب (تقريبا), أغلبها (97.20%) على هيئة ماء مالح في البحار والمحيطات , بينما تتجمع الكمية الباقية (2.80%) على هيئة الماء العذب بأشكاله الثلاثة ـ الصلبة , والسائلة , والغازية ـ ، منها (2.35%) من مجموع ماء الأرض على هيئة تراكمات الجليد فوق المنطقتين القطبيتين من الأرض , وعلى قمم جبالها , والماء الباقي وتقدر كميته بحوالي (0.65%) من مجموع مياه الأرض يختزن أغلبه في الطبقات المسامية من صخور القشرة الأرضية على هيئة ماء تحت سطح الأرض , تليه في الكثرة النسبية مياه البحيرات العذبة , ثم الماء المختزن على هيئة رطوبة في تربة الأرض , ويليه بخار الماء في الغلاف الغازي للأرض ـ رطوبة الغلاف الغازي ـ ، ثم المياه الجارية في الأنهار , وتفرعاتها .

2- الماء يغطي حوالي (71%) من مساحة سطح الأرض المُقدَّرة بحوالي 510 مليون كيلو متراً مربعاً , أي : إن مساحة المسطحات المائية فوق الأرض تقدر بحوالي 361 مليون متراً مربعاً ، بينما تقدر مساحة اليابسة بحوالي 149 مليون كيلو متراً مربعاً . وعلى ذلك فإن معدل البَخْر من أسطح البحار والمحيطات يقدر بحوالي 320.000 كيلو متر مكعب من الماء في كل عام , بينما يُقدَّر معدل البخر من اليابسة بحوالي 60.000 كيلو متر مكعب , وبجمع هذين الرقمين يتضح أن دورة الماء بين الأرض وغلافها الغازي تبلغ 380.000 كيلو متر مكعب في السنة , وأغلب هذه الكمية يتبخر من المناطق الاستوائية، حيث يصل متوسط درجة الحرارة السنوي إلى 25 درجة مئوية . وعندما يتبخر الماء من أسطح كل من البحار والمحيطات واليابسة الأرضية، فإنه يرتفع بفعل قلة كثافته , وبدفع التيارات الهوائية له إلى النطاق الأسفل من الغلاف الغازي للأرض (نطاق التغيرات المناخية) ، وهو يتميز بالتبرد مع الارتفاع حتى تصل درجة حرارته إلى ناقص 80 درجة مئوية فوق خط الاستواء , وفي هذا النطاق البارد يتكثف بخار الماء الصاعد من الأرض ويعود إليها بإذن الله ـ تعالى ـ , مطرًا أو ثلجًا , أو بردًا , أو طلاً ـ على هيئة الشبورة أو الندى .

3- الماء في عودته إلى الأرض يصرفه الله ـ تعالى ـ بحكمة بالغة، حيث ينزل على اليابسة قدراً أعلى مما يتبخر من أسطحها ـ 96.000 كيلو مترًا مكعبًا مقابل 60.000 كيلو مترًا مكعبًا مجموع المتبخر منها ـ ، بينما ينزل على البحار والمحيطات قدرًا أقل عما يتبخر من أسطحاه 284.000 كيلو متراً مكعباً في مقابل 320.000 كيلو متراً مكعباً يتبخر منها , والفارق بين هذين الرقمين هو نفس الفارق بين كميتي المطر والبخر على اليابسة , ويقدر بـ 36.000 كيلو متراً مكعباً من الماء يفيض من اليابسة إلى البحار والمحيطات في كل عام .

4- لما كان مجموع ما يتبخر من ماء الأرض إلى غلافها الغازي ثابتًا في كل عام ، ومجموع ما يحمل هذا الغلاف الغازي من بخار الماء ثابت كذلك على مدار السنة ، فإن مجموع ما ينزل من مطر إلى الأرض يبقى ثابتاً في كل سنة , وإن تباينت كميات سقوطه من مكان إلى آخر حسب مشيئة الله . ويبلغ متوسط سقوط المطر على سطح الأرض اليوم 85.7 سنتيمترًا مكعبًا في السنة , وتتراوح كمياته بين الصفر في المناطق الصحراوية الجافة والقاحلة و 11.45 مترًا مكعبًا في السنة في جزرهاواي

أوجه الإعجاز في الحديث الشريف
هذه الملاحظات الدقيقة التي لم يستطع الإنسان الوصول إليها إلا في أواخر القرن العشرين سبقتها بأربعة عشر قرنًا أو يزيد أحاديث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ التي قال فيها : " ما من عام بأقل مطرًا من عام " .
وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " ما من عام بأمطر من عام , ولكن الله يَصْرِفُهُ ـ أو يُصَرِّفه ـ " .
وهذه الحقيقة العلمية التي نطق بها خاتم الأنبياء والمرسلين لا يمكن أن يكون لها مصدر إلا وحي السماء , فصلى الله وسلم وبارك على هذا النبي الخاتم.







[1]  رواه البيهقي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الكتب الدراسية للمرحلتين الإعدادية والثانوية الأزهرية

  Toggle navigation 24 سبتمبر, 2017 بوابة الأزهر تنشر الكتب الدراسية للمرحلتين الإعدادية والثانوية الأزهرية    طباعة في إطار خطة بو...