الأحد، 18 ديسمبر 2016

ضوابط الإعجاز العلمي في القرآن والسنّة.

 ضوابط الإعجاز العلمي في القرآن والسنّة.
القرآن يتميز بأسلوبه الرائع والمختصر في عرض الحقيقة العلمية، وفي كلمات قليلة نجد حقائق علمية غزيرة، وهنا يكمن الإعجاز. ولكن هذه الحقائق والتي تتجلى في عصرنا هذا لم تكن معروفة لأحد زمن نزول القرآن. ولكن اكتشافات العلماء أظهرت هذه المعجزات. ولابد أن يكون هناك ضوابط لهذا العلم لنبقى بعيدين عن الأخطاء كما يحدث في بعض المقالات التي نجد أصحابها يبالغون فيها ويبتعدون كثيراً عن معنى الآية.

ومن أهم هذه الضوابط .

1-  يجب علينا أن نعلم ونستيقن لدى البحث في إعجاز القرآن من الناحية العلمية أن العلم تابع للقرآن، وليس العكس. فالباحث في الإعجاز العلمي ينبغي عليه أن يعطي ثقته لكتاب الله أولاً، ثم يبحث في كتب ومؤلفات وتجارب البشر عن حقائق علمية تتوافق مع الحقائق القرآنية.



2-  ينبغي أن ندرك بأن تفسير ودلالات آيات الإعجاز العلمي تتطور مع تقدم العلوم دون أن تتناقض مع العلم، وهذه معجزة بحدّ ذاتها أنك تجد الحقائق العلمية التي تحدث عنها القرآن مفهومة وواضحة لكل عصر من العصور. بينما مؤلفات البشر تصلح لعصرها فقط. وهذا يدفعنا لمزيد من البحث عن دلالات جديدة لآيات القرآن العظيم.

3-  بما أن الله تعالى قد أنزل القرآن باللغة العربية فيجب علينا ألا نخرج خارج معاني الكلمة في قواميس اللغة، وإذا لم نستطع التوفيق بين الآية القرآنية وبين الحقيقة العلمية، فنتوقف عن التدبر، حتى يسخّر الله لهذه الآية من يتدبرها ويقدم لنا التفسير الصحيح والمطابق للعلم اليقيني.

4-  أن تكون الحقيقة العلمية غير معروفة زمن نزول القرآن من قبل البشر. وأن القرآن قد سبق العلماء إلى الحديث عن هذه الحقيقة. وهنا تكون المعجزة أقوى، ولكن لا يمنع أن نجد بعض الحقائق العلمية المذكورة في القرآن والتي كان الناس يدركون شيئاً منها قديماً، مثل فوائد عسل النحل، فهذا الأمر معروف منذ آلاف السنين، فجاء القرآن وأكَّده وهذا نوع من أنواع الإعجاز.

5-  يجب أن يَعلم من يبحث في إعجاز القرآن أن خير من يفسر القرآن هو القرآن نفسه، ثم تأتي بعد ذلك أحاديث الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام، ثم اجتهادات الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم، ثم من تبعهم من العلماء والأئمة الثقات رحمهم الله ورضي عنهم جميعاً.

6-  ينبغي الإحاطة بدلالات الآية ومعانيها المتعددة وألا نَخرج خارج قواعد اللغة العربية وألا نضع تأويلات غير منطقية بهدف التوفيق بين العلم والقرآن، بل يجب أن نعلم بأن المعجزة القرآنية تتميز بالوضوح والتفصيل التام، ولا تحتاج لالتفافات من أجل كشفها. يقول تعالى: (الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ)[1]

7-  ينبغي أن نعلم بأن المعجزة العلمية هي هدف وليست غاية لحد ذاتها، فهي هدف للتقرب من الله تعالى وزيادة اليقين به وبلقائه. ونتذكر قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام. يقول تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [2]

8-  بالنسبة للإعجاز العلمي في السنة النبوية، فيجب أن يكون الحديث الشريف صحيحاً، أو بمرتبة الحسن، ولا يمكن الاعتماد على الأحاديث الضعيفة.


محمد احمد سليم
معلم بالازهر الشريف


[1]  سورة هود 1
[2] سورة البقرة 260

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الكتب الدراسية للمرحلتين الإعدادية والثانوية الأزهرية

  Toggle navigation 24 سبتمبر, 2017 بوابة الأزهر تنشر الكتب الدراسية للمرحلتين الإعدادية والثانوية الأزهرية    طباعة في إطار خطة بو...