الأحد، 18 ديسمبر 2016

تفسير قوله تعالى (ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا) وما يستفاد منها

تفاسير الآية الكريمة من كتب التفسير
التفسير الميسر
جاء في التفسير الميسر "ولا تقربوا الزنى ودواعيه؛ كي لا تقعوا فيه، إنه كان فعلا بالغ القبح، وبئس الطريق طريقه."([1])

تفسير الجلالين
جاء في تفسير الجلالين {ولا تقربوا الزنى} أبلغ من لا تأتوه {إنه كان فَاحِشَة} قَبِيحًا {وَسَاءَ} بِئْسَ {سَبِيلًا} طَرِيقًا هُوَ([2])

تفسير بن كثير
يقول بن كثير في تفسيره لهذه الآية "يقول تعالى ناهيًا عباده عن الزنا وعن مقاربته، وهو مخالطة أسبابه ودواعيه ( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً ) أي:ذنبًا عظيمًا ( وَسَاءَ سَبِيلا ) أي:وبئس طريقًا ومسلكًا.

وقد قال الإمام أحمد:حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا جرير، حدثنا سليم بن عامر، عن أبي أمامة قال:إن فتى شابًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:يا رسول الله، ائذن لي بالزنا. فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا:مَهْ مَهْ. فقال: « أدنه » . فدنا منه قريبًا فقال « اجلس » . فجلس، قال: « أتحبه لأمك؟ » قال:لا والله، جعلني الله فداك. قال: « ولا الناس يحبونه لأمهاتهم » . قال: « أفتحبه لابنتك » ؟ قال:لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداك. قال: « ولا الناس يحبونه لبناتهم » ، قال: « أتحبه لأختك » ؟ قال:لا والله، جعلني الله فداك. قال: « ولا الناس يحبونه لأخواتهم » ، قال: « أفتحبه لعمتك » ؟ قال:لا والله جعلني الله فداك. قال: « ولا الناس يحبونه لعماتهم » قال: « أفتحبه لخالتك » ؟ قال:لا والله، جعلني الله فداك. قال: « ولا الناس يحبونه لخالاتهم » قال:فوضع يده عليه وقال: « اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه وحصن فرجه » قال:فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء .
وقال ابن أبي الدنيا:حدثنا عمار بن نصر، حدثنا بَقيَّةُ، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن الهيثم بن مالك الطائي، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « ما من ذنب بعد الشرك أعظم عند الله من نطفة وضعها رجل في رحم لا يحل له »([3]) .

تفسير السعدي(تيسير الكريم الرحمن)
يقول السعدي في قوله تعالى {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا} ، والنهي عن قربانه أبلغ من النهي عن مجرد فعله لأن ذلك يشمل النهي عن جميع مقدماته ودواعيه فإن: " من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه " خصوصا هذا الأمر الذي في كثير من النفوس أقوى داع إليه.
ووصف الله الزنى وقبحه بأنه {كَانَ فَاحِشَةً} أي: إثما يستفحش في الشرع والعقل والفطر لتضمنه التجري على الحرمة في حق الله وحق المرأة وحق أهلها أو زوجها وإفساد الفراش واختلاط الأنساب وغير ذلك من المفاسد.
وقوله: {وَسَاءَ سَبِيلا} أي: بئس السبيل سبيل من تجرأ على هذا الذنب العظيم([4]).

تفسير القرطبي
{وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلاً} فِيهِ مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ: قَالَ الْعُلَمَاءُ: قَوْلُهُ تَعَالَى (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى) أَبْلَغُ مِنْ أَنْ يَقُولَ: وَلَا تَزْنُوا، فَإِنَّ معناه لا تدنوا من الزنى. والزنى يُمَدُّ وَيُقْصَرُ، لُغَتَانِ. قَالَ الشَّاعِرُ:
كَانَتْ فَرِيضَةَ مَا تَقُولُ كَمَا ... كَانَ الزِّنَاءُ فَرِيضَةَ الرَّجْمِ
و (سَبِيلًا) نُصِبَ عَلَى التَّمْيِيزِ، التَّقْدِيرُ: وَسَاءَ سَبِيلُهُ سَبِيلًا. أي لأنه يؤدى إلى النار. والزنى مِنَ الْكَبَائِرِ، وَلَا خِلَافَ فِيهِ وَفِي قُبْحِهِ لَا سِيَّمَا بِحَلِيلَةِ الْجَارِ. وَيَنْشَأُ عَنْهُ اسْتِخْدَامُ ولد الغير وَاتِّخَاذُهُ ابْنًا وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْمِيرَاثِ وَفَسَادِ الْأَنْسَابِ بِاخْتِلَاطِ الْمِيَاهِ. وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ  بِامْرَأَةٍ مُجِحٍّ عَلَى بَابِ فُسْطَاطٍ فَقَالَ:" لَعَلَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُلِمَ بِهَا" فَقَالُوا: نَعَمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَلْعَنَهُ لَعْنًا يَدْخُلُ مَعَهُ قَبْرَهُ كَيْفَ يُوَرِّثُهُ وهو لا يحل له كيف يستخدمونه وهو لا يحل له"([5]).

تفسير الطبري
جاء في تفسير الطبري: الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} . يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَقَضَى أَيْضًا أَنْ {لَا تَقْرَبُوا}] أَيُّهَا النَّاسُ {الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً} يَقُولُ: إِنَّ الزِّنَا كَانَ فَاحِشَةً {وَسَاءَ سَبِيلًا} يَقُولُ: وَسَاءَ طَرِيقُ الزِّنَا طَرِيقًا، لِأَنَّ طَرِيقَ أَهْلِ مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَالْمُخَالِفِينَ أَمْرَهُ، فَأَسْوِئْ بِهِ طَرِيقًا يُورِدُ صَاحِبَهُ نَارَ جَهَنَّمَ([6]).



ما يستفاد من الآية الكريمة
اكد الله تعالى في قوله تعالى(ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا) على أن الزنا من أبشع الفواحش لاشتماله على العديد من المفاسد ومنها:
1- اختلاط الأنساب واشتباهها فلا يعرف الإنسان أن الولد الذي أتت به الزانية أهو منه أو من غيره ، فلا يقوم بتربيته ولا يستمر في تعهده ، وذلك يوجب ضياع الأولاد ، وذلك يوجب انقطاع النسل وخراب العالم .

2- أنه إذا لم يوجد سبب شرعي لأجله يكون هذا الرجل أولى بهذه المرأة من غيره لم يبق في حصول ذلك الاختصاص إلا التواثب والتقاتل ، وذلك يفضي إلى فتح باب الهرج والمرج والمقاتلة.

3- أن المرأة إذا باشرت الزنا وتمرنت عليه يستقذرها كل طبع سليم وكل خاطر مستقيم ، وحينئذ لا تحصل الألفة والمحبة ولا يتم السكن والازدواج ، ولذلك فإن المرأة إذا اشتهرت بالزنا تنفر عن مقارنتها طباع أكثر الخلق .

4- أنه إذا انفتح باب الزنا فحينئذ لا يبقى لرجل اختصاص بامرأة ، وكل رجل يمكنه التواثب على كل امرأة شاءت وأرادت ، وحينئذ لا يبقى بين نوع الإنسان وبين سائر البهائم فرق في هذا الباب .

5- أنه ليس المقصود من المرأة مجرد قضاء الشهوة بل أن تصير شريكة للرجل في ترتيب المنزل وإعداد مهماته من المطعم والمشرب والملبس ، وأن تكون ربة البيت وحافظة للباب وأن تكون قائمة بأمور الأولاد ، وهذه المهمات لا تتم إلا إذا كانت مقصورة الهمة على هذا الرجل الواحد منقطعة الطمع عن سائر الرجال ، وذلك لا يحصل إلا بتحريم الزنا وسد هذا الباب بالكلية .

6- أن الوطء يوجب الذل الشديد ، والدليل عليه أن أعظم أنواع الشتم عند الناس ذكر ألفاظ الوقاع ، ولولا أن الوطء يوجب الذل ، وإلا لما كان الأمر كذلك ، وأيضا فإن جميع العقلاء لا يقدمون على الوطء إلا في المواضع المستورة ، وفي الأوقات التي لا يطلع عليهم أحد

وإذا ثبت هذا فنقول : إنه تعالى وصف الزنا بصفات ثلاثة : كونه فاحشة ، ومقتا في آية أخرى ، وساء سبيلا :

أما كونه فاحشة : فهو إشارة إلى اشتماله على فساد الأنساب الموجبة لخراب العالم وإلى اشتماله على التقاتل والتواثب على الفروج وهو أيضا يوجب خراب العالم .

وأما المقت : فقد ذكرنا أن الزانية تصير ممقوتة مكروهة ، وذلك يوجب عدم حصول السكن والازدواج وأن لا يعتمد الإنسان عليها في شيء من مهماته ومصالحه .

وأما أنه ساء سبيلا : فهو ما ذكرنا أنه لا يبقى فرق بين الإنسان وبين البهائم في عدم اختصاص الذكران بالإناث ، وأيضا يبقى ذل هذا العمل وعيبه وعاره على المرأة من غير أن يصير مجبورا بشيء من المنافع.








[1] التفسير الميسر مجموعة من المؤلفين - ج1 ص285 ط2   مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف السعودية 2009
[2] تفسير الجلالين جلال الدين المحلي جلال الدين السيوطي ج1 ص369 ط1 دار الحديث القاهرة
[3] تفسير بن كثير ط العلمية لأبي الفداء إسماعيل بن كثير تحقيق محمد حسين شمس الدين ج 5 ص68 دار الكتب العلمية -بيروت
[4] تيسير الرحمن الكريم في تفسير كلام المنان  عبدا لرحمن بن ناصر السعدي تحقيق عبدالرحمن بن معلا اللويحق ج1 ص 457 مؤسسة الرسالة 2000
[5] الجامع لأحكام القران ابوعبدالله القرطبي تحقيق احمد البردوني وابراهيم اطفيش  ج10 ص 254 دار الكتب المصرية 1964
[6] تفسير الطبري= جامع البيان عن تأويل أي القران محمد بن جرير الطبري تحقيق د.عبدالله بن عبدالمحسن التركي  ج14 ص581 دار هجر للطباعة والنشر 2001

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الكتب الدراسية للمرحلتين الإعدادية والثانوية الأزهرية

  Toggle navigation 24 سبتمبر, 2017 بوابة الأزهر تنشر الكتب الدراسية للمرحلتين الإعدادية والثانوية الأزهرية    طباعة في إطار خطة بو...